أحبتي و اخوتي الكرام
في منتدى الشعر الفصيح مرحبا بكم.
لعلكم تعرفون الشاعر العربي صفي الدين بن حلي
المشهور بجودة أشعاره و كثرة البديع و الجناس فيها.
سأقدم لكم في هذا الموضوع بعضا من ابداعات هذا
الشاعر العربي الفذ.
البداية بواحدة من أشهر قصائده:
سل الرماح العوالي عـن معالينـا وستشهد البيض هل خاب الرجا فينا
لما سعينـا فمـا رقـت عزائمنـا عما نـروم ولا خابـت مساعينـا
قوم إذا أستخصموا كانوا فراعنـة يوما وان حكموا كانـوا موازينـا
تدرعوا العقل جلبابا فـان حميـت نار الوغي خلتهـم فيهـا مجانينـا
خيـل مـا ربطناهـا مسـومـة لله نغزوا بها مـن بـات يغزونـا
إن العاصفيـر لمـا قـام قائمهـا توهمت أنهـا صـارت شواهينـا
انـا لقـوم أبـت اخلاقنـا شرفـا أن نبتدى بالاذى من ليس يؤذينـا
لا يظهر العجز منا دون نيل منـى ولو رأينـا المنايـا فـي أمانينـا
و هذه قصيدة معجّمة ليس فيها حرف مهمل:
فُتِنتُ بظَبي بَغَى خَيبَتي بِجَفن تَفَنّنَ في فِتنَي
تَجَنّى، فبِتُّ بجَفن يَفيضُ فخَيَّبتُ ظَنّي في يَقظَتي
قَضيبٌ يَجيءُ بزيّ يزينُ تَثَنّى، فذُقتُ جَنى جَنّةِ
نَجيبٌ يُجيبُ بفَنٍّ يُذيبُ بِبَضٍّ خَضيب نَفَى خِيفَتي
بجَفن يجيءُ ببِيض غَزَتْ تَشجّ، فتَنفذُ في جُبّتي
غنيٌّ يَضَن بنَضٍّ نَقِيٍّ فيَقضي بغَبني في بُغيَتي
تيَقّظَ بي غُنجُ جَفن غَضيض بفَنٍّ يشنّ ضَنى جُثّتي
الفرق بين هاتين القصيدتين جلي واضح:
الولى طابعها بدوي تنتسب الى الصحراء و قيمها الأصيلة
و لغتها الشعرية غلبت عليها القوة و الخشونة
و قد كتبها وهو بالعراق
اما القصيدة الثانية فهي صورة حضرية خالصة قالها
الشاعر عندما استقر في مصر
و انغمس في حياة الحاضر.
و الشعر الصادق وليد بيئته.
ابداعات الشاعراللغوية
وكتب صفي الدين في نوع آخر من الشعر يسمّى الشعر العاطل أو المهمل،
والذي يتميز بخلو كلماته من النقط بقوله:
سَدَدَ سَهماً ما عَدا روعَه ورَوّعَ العُصمَ، وللاُسْدِ صادْ
أمالكَ الأمرِ أرِحْ هالِكاً مدرِعاً للهَمّ دِرعَ السّوادْ
أراهُ طولُ الصدّ لمّا عَدَا مَرامَهُ ما هَدّ صُمَّ الصِّلادْ
ودّ وداداً طارِداً هَمَّهُ وما مُرادُ الحُرّ إلاّ الوَدادْ
والمَكرُ مَكرُوهٌ دَها أهلَهُ وأهلَكَ اللهُ لهُ أهلَ عادْ
كما له قصيدة كلُّ كلمة من كلماتها مُصَغّرة مطلعها:
نُقيطٌ من مُسَيك في وُرَيْدِ خُويلكَ أو وُسَيْمٌ في خُدَيْدِ
و هذه قصيدة كل بيت فيها يبدأ يالقاف و ينتهي بالقاف:
قفي وَدّعينا قَبْلَ وشكِ التَّفرُّقِ فما أنا من يحيى إلى حين نلتقي
قَضَيْتُ وما أودى الحِمامُ بمُهجتي وشِبْتُ وما حَلَّ البياض بمفرقي
قرنْتِ الرّضى بالسّخط والقُرب بالنوى ومزّقتِ شَمْلَ الوصل كلَّ مُمزّق
قبلتِ وصايا البحر من غير ناصح وأحيَيْتِ قولَ الهَجْرِ مِنْ غيرِ مُشفِقِ
وهناك قصائد نظمها شاعرنا الحلّي تنتهي بالياء وتبدأ أبياتها بالياء أيضاً،
ولكن تمتاز بأنّها تقرأ مقلوبة بقوله:
يَلذُّ ذُلِّي بنضو لَوْضَنَّ بي لَذَّ ذُلِّيْ
يَلُمُّ شَمْلِيْ لِحُسْن إنْ سَحَّ لِيْ لَمَّ شَمْلِيْ